responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 103
الَّتِي يَخْتَارُ فِيهَا الْمَعَاصِيَ وَيَمْتَنِعُ مِنَ الطَّاعَاتِ، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً فَالْمُرَادُ بِالْخَيْبَةِ الْحِرْمَانُ أَيْ حُرِمَ الثَّوَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ وَافَى بِالظُّلْمِ وَلَمْ يَتُبْ عَنْهُ وَاسْتَدَلَّتِ الْمُعْتَزِلَةُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْعَفْوِ فَقَالُوا قَوْلُهُ: وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً يَعُمُّ كُلَّ ظَالِمٍ، وَقَدْ حَكَمَ اللَّه تَعَالَى فِيهِ بِالْخَيْبَةِ وَالْعَفْوُ يُنَافِيهِ وَالْكَلَامُ عَلَى عُمُومَاتِ الْوَعِيدِ قَدْ تَقَدَّمَ مِرَارًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا شَرَحَ أَحْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ خَتَمَ الْكَلَامَ فِيهَا بِشَرْحِ أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً يَعْنِي وَمَنْ يَعْمَلْ شَيْئًا مِنَ الصَّالِحَاتِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْفَرَائِضُ فَكَانَ عَمَلُهُ مَقْرُونًا بِالْإِيمَانِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ [طه: 75] فَقَوْلُهُ: فَلا يَخافُ فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ لِكَوْنِهِ فِي مَوْضِعِ جَوَابِ الشَّرْطِ وَالتَّقْدِيرُ فَهُوَ لَا يَخَافُ وَنَظِيرُهُ: وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ [الْمَائِدَةِ: 95] ، فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً [الْجِنِّ: 13] وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: فَلَا يَخَفْ عَلَى النَّهْيِ وَهُوَ حَسَنٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَلْيَأْمَنْ وَالنَّهْيُ عَنِ الْخَوْفِ أَمْرٌ بِالْأَمْنِ وَالظُّلْمُ هُوَ أَنْ يُعَاقَبَ لَا عَلَى جَرِيمَةٍ أم يُمْنَعَ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَالْهَضْمُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ ثَوَابِهِ، وَالْهَضِيمَةُ النَّقِيصَةُ وَمِنْهُ هَضِيمُ الْكَشْحِ أَيْ ضَامِرُ الْبَطْنِ وَمِنْهُ: طَلْعُها هَضِيمٌ [الشُّعَرَاءِ: 148] أَيْ لَازِقٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَمِنْهُ انْهَضَمَ طَعَامِي، وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: الظُّلْمُ أَنْ يَنْقُصَ مِنَ الثَّوَابِ وَالْهَضْمُ أَنْ لَا يُوَفَّى حَقَّهُ مِنَ الْإِعْظَامِ لِأَنَّ الثَّوَابَ مَعَ كَوْنِهِ مِنَ اللَّذَّاتِ لَا يَكُونُ ثَوَابًا إِلَّا إِذَا قَارَنَهُ التَّعْظِيمُ وَقَدْ يَدْخُلُ النَّقْصُ فِي بَعْضِ الثَّوَابِ وَيَدْخُلُ فِيمَا يُقَارِنُهُ مِنَ التَّعْظِيمِ فَنَفَى اللَّه تعالى عن المؤمنين كلا الأمرين.

[سورة طه (20) : الآيات 113 الى 114]
وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (113) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً] اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: وَكَذلِكَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: كَذلِكَ نَقُصُّ أَيْ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا نَزَالُ وَعَلَى نَهْجِهِ أَنْزَلْنَا الْقُرْآنَ كُلَّهُ ثُمَّ وَصَفَ الْقُرْآنَ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: كَوْنُهُ عَرَبِيًّا لِتَفْهَمَهُ الْعَرَبُ فَيَقِفُوا عَلَى إِعْجَازِهِ وَنَظْمِهِ وَخُرُوجِهِ عَنْ جِنْسِ كَلَامِ الْبَشَرِ. وَالثَّانِي: قَوْلُهُ: وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ أَيْ كَرَّرْنَاهُ وَفَصَّلْنَاهُ وَيَدْخُلُ تَحْتَ الْوَعِيدِ بَيَانُ الْفَرَائِضِ وَالْمَحَارِمِ لِأَنَّ الْوَعِيدَ فِعْلٌ يَتَعَلَّقُ فَتَكْرِيرُهُ يَقْتَضِي بَيَانَ الْأَحْكَامِ فَلِذَلِكَ قَالَ: لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ وَالْمُرَادُ اتِّقَاءُ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَرْكُ الْوَاجِبَاتِ وَلَفْظُ لَعَلَّ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الْبَقَرَةِ: 183] أَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً فَفِيهِ وَجْهَانِ. الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى إِنَّا إِنَّمَا أَنْزَلْنَا الْقُرْآنَ لِأَجْلِ أَنْ يَصِيرُوا مُتَّقِينَ أَيْ مُحْتَرِزِينَ عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَوْ يُحْدِثُ الْقُرْآنُ لَهُمْ ذِكْرًا يَدْعُوهُمْ إِلَى الطَّاعَاتِ وَفِعْلِ مَا يَنْبَغِي، وَعَلَيْهِ سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: الْقُرْآنُ كَيْفَ يَكُونُ مُحْدِثًا لِلذِّكْرِ. الْجَوَابُ: لَمَّا حَصَلَ الذِّكْرُ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ أُضِيفَ الذِّكْرُ إِلَيْهِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: لِمَ أُضِيفَ الذِّكْرُ إِلَى الْقُرْآنِ وَمَا أُضِيفَتِ التَّقْوَى إِلَيْهِ. الْجَوَابُ: أَنَّ التَّقْوَى عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ لَا يُفْعَلَ الْقَبِيحُ، وَذَلِكَ اسْتِمْرَارٌ عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ فَلَمْ يَجُزْ إِسْنَادُهُ إِلَى الْقُرْآنِ، أَمَّا حُدُوثُ الذِّكْرِ فَأَمْرٌ حَدَثَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَجَازَتْ إِضَافَتُهُ إِلَى الْقُرْآنِ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: كَلِمَةُ أَوْ لِلْمُنَافَاةِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ التَّقْوَى وَحُدُوثِ الذِّكْرِ بَلْ لَا يَصِحُّ الِاتِّقَاءُ إِلَّا مَعَ الذِّكْرِ فَمَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 103
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست